- ديسمبر 3, 2024
- الباحث: محمد غازي
- التصنيفات: الخليج وسياسة الطاقة, الطاقة والاقتصاد, انتشار الأسلحة, منافسة القوى العظمى
مستقبل سوريا: التدخلات الخارجية ومصالحها واستراتيجيات الحفاظ عليها
تعد سوريا محوراً جغرافياً وسياسياً مهماً في الشرق الأوسط، مما جعلها مسرحاً لتداخل مصالح ودوافع دولية وإقليمية متعددة. منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، شهدت سوريا تدخلات خارجية من قِبَل قوى كبرى وإقليمية تسعى لتعزيز مصالحها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. يستعرض هذا المقال التدخلات الخارجية في سوريا، مصالحها، والاستراتيجيات المتوقعة للحفاظ على هذه المصالح مثل التوسع الجغرافي والأمن القومي.
التدخلات الخارجية في سوريا
إيران
المصالح:
التوسع الجغرافي: تسعى إيران لتعزيز وجودها في سوريا كجزء من “الحزام والطريق الإيراني”، مما يربطها بحلفائها في لبنان والعراق.
الأمن القومي: تأمين خط إمداد مع حزب الله في لبنان، مما يعزز قدرتها على مواجهة إسرائيل ويحافظ على وجودها في المنطقة.
استراتيجيات الحفاظ على المصالح:
الدعم العسكري والسياسي: تقديم الدعم العسكري المباشر للحكومة السورية من خلال الحرس الثوري الإيراني وفصائل مسلحة مثل حزب الله.
التواجد العسكري: إقامة قواعد عسكرية في سوريا لتعزيز النفوذ الإيراني وتوفير الدعم اللوجستي للقوات الموالية.
التعاون مع حلفائها: تعزيز التعاون مع روسيا وتركيا لضمان استقرار النظام السوري كحليف إيراني رئيسي.
روسيا
المصالح:
التوسع الجغرافي: تأمين قاعدة بحرية في طرطوس لتعزيز النفوذ الروسي في البحر الأبيض المتوسط وتسهيل الوصول إلى الأسواق الدولية.
الأمن القومي: الحفاظ على تحالف استراتيجي مع النظام السوري كضامن لنفوذ روسيا في الشرق الأوسط ومواجهة التوسع الغربي.
استراتيجيات الحفاظ على المصالح:
الدعم العسكري: تقديم الدعم الجوي والبري للحكومة السورية، بما في ذلك استخدام الأسلحة المتطورة والتدريب العسكري.
الدبلوماسية الدولية: لعب دور الوسيط في المفاوضات الدولية لضمان استمرار الدعم الروسي وتقليل التدخلات الأخرى.
تعزيز الحضور العسكري: زيادة عدد القوات الروسية والمعدات العسكرية في سوريا لتعزيز القدرة على الرد السريع على أي تهديدات.
الولايات المتحدة
المصالح:
الأمن القومي: مكافحة الإرهاب ومنع سيطرة تنظيم “داعش” والفصائل المتطرفة على المنطقة.
الحد من نفوذ إيران وروسيا: تقليص تأثير إيران وروسيا في سوريا لضمان توازن قوى في الشرق الأوسط يتماشى مع المصالح الأمريكية.
استراتيجيات الحفاظ على المصالح:
الدعم العسكري: دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والمجموعات المعارضة لمحاربة “داعش” والفصائل المتطرفة.
العقوبات الاقتصادية: فرض عقوبات اقتصادية على الأطراف الداعمة للنظام السوري مثل إيران وروسيا لتقييد قدراتهم على التدخل.
التنسيق الدولي: التعاون مع حلفاء مثل تركيا وإسرائيل لضمان تحقيق أهداف الأمن القومي وتقليل النفوذ الإيراني والروسي.
تركيا
المصالح:
الأمن القومي: منع تشكيل كيان كردي مستقل على حدودها الجنوبية والذي قد يشجع النزاعات الانفصالية داخل تركيا.
التوسع الجغرافي: السيطرة على المناطق الحدودية في شمال سوريا لتعزيز النفوذ التركي وتأمين طرق التجارة والطاقة.
استراتيجيات الحفاظ على المصالح:
العمليات العسكرية: شن عمليات عسكرية ضد قوات حماية الشعب الكردية وتثبيت وجودها في مناطق مثل جرابلس ورأس العين.
الدعم السياسي: دعم الفصائل المعارضة الموالية لتركيا في سوريا لضمان استقرار المناطق التي تسيطر عليها.
التعاون الإقليمي: تعزيز العلاقات مع دول الخليج والمغرب العربي لدعم السياسات التركية في سوريا وتعزيز التحالفات الإقليمية.
إسرائيل
المصالح:
الأمن القومي: منع تعزيز نفوذ إيران وحزب الله في سوريا وتقليص التهديدات الأمنية القريبة من حدودها.
التوسع الجغرافي: تأمين مناطق عسكرية في جنوب سوريا لتعزيز قدرتها على المراقبة والرد السريع على أي تهديدات.
استراتيجيات الحفاظ على المصالح:
الغارات الجوية: تنفيذ غارات جوية مستمرة ضد المواقع الإيرانية وحزب الله في سوريا لمنع تعزيز قدراتهم العسكرية.
الدعم اللوجستي: تقديم الدعم الاستخباراتي والتقني للقوات المحلية الموالية لإسرائيل لتعزيز قدرتها على التصدي للتهديدات.
التعاون مع حلفاء: تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة وتركيا لتنسيق الجهود ضد الأهداف المشتركة مثل إيران وحزب الله.
التوقعات المستقبلية
احتمال استمرار التدخلات
من المرجح أن تستمر التدخلات الخارجية في سوريا نظراً لتعقيد المصالح المتضاربة وعدم وجود حل سياسي شامل. ستظل القوى الخارجية تسعى لتعزيز نفوذها والحفاظ على مصالحها من خلال الدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي.
احتمال الوصول إلى هدنة دائمة
تحقيق هدنة دائمة يتطلب توازنًا دقيقًا بين القوى المختلفة ورغبة سياسية قوية من جميع الأطراف في الوصول إلى حل سلمي. قد تتطلب هذه العملية تنازلات كبيرة وإشراك المجتمع الدولي بشكل فعال لدعم المفاوضات.
إعادة الإعمار والتنمية
ستكون عملية إعادة الإعمار والتنمية في سوريا مرتبطة بشكل وثيق بالاستقرار السياسي والأمني. قد تلعب المنظمات الدولية والدول الداعمة دوراً حاسماً في تمويل المشاريع وإعادة بناء البنية التحتية، شريطة تحقيق استقرار كافٍ في البلاد.
السيناريوهات المحتملة
استمرار الصراع المحدود: استمرار النزاعات في بعض المناطق مع فترات من الهدوء والتوتر، مما يعوق عملية الإعمار ويزيد من معاناة المدنيين.
تحقيق استقرار نسبي: إمكانية تحقيق استقرار نسبي عبر اتفاقيات سياسية شاملة، مما يمهد الطريق لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
تصعيد جديد: احتمال حدوث تصعيد جديد في الصراع نتيجة تصادم المصالح بين القوى الداعمة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية والسياسية.
الخلاصة
تظل سوريا في قلب لعبة جيوسياسية معقدة تجمع بين مصالح ودوافع دولية وإقليمية متعددة. التدخلات الخارجية مستمرة ومتنوعة، وكل قوة تسعى للحفاظ على مصالحها من خلال استراتيجيات متنوعة تشمل التوسع الجغرافي والأمن القومي. مستقبل سوريا يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف المختلفة على التوصل إلى حلول سياسية شاملة، والتعاون الدولي لدعم الاستقرار والتنمية في البلاد. على الرغم من التحديات الكبيرة، فإن الإرادة السياسية والتنسيق الدولي يمكن أن يفتحا آفاقًا جديدة لتحقيق سلام دائم ومستقبل أفضل للشعب السوري.